دولى

«إيران»: حرب الاحتلال عطّلت الدبلوماسية.. وواشنطن قادرة على إحيائه

 

 

قال وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في مقال بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن ما حققه على مدى خمس جولات من المحادثات مع المبعوث الامريكي الخاص ستيف ويتكوف تجاوز ما تحقق خلال اربع سنوات من المفاوضات النووية مع ادارة بايدن الفاشلة. مضيفاً:«كنا انا وستيف ويتكوف على وشك تحقيق اتفاق تاريخي قبل الضربة الاسرائيلية لايران».

 

وجاء في مقال وزير الخارجية الإيراني في الصحيفة:«في خمسة اجتماعات فقط على مدى تسعة أسابيع، حققتُ أنا والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف أكثر مما حققتُه خلال أربع سنوات من المفاوضات النووية مع إدارة بايدن الفاشلة.. كنا على أعتاب إنجاز تاريخي.. ولمعالجة مخاوف الولايات المتحدة من أن تُحوّل إيران برنامجها النووي السلمي يومًا ما، أجرينا مناقشات مفصلة وصريحة – بما في ذلك حول مستقبل تخصيب اليورانيوم الإيراني. وطرح الطرفان، بالإضافة إلى عُمان، عدة أفكار لحلٍّ رابح».

 

واضاف:«بنفس القدر من الأهمية، ركزنا أيضًا على إنهاء العقوبات وانخراط الولايات المتحدة في تعاون اقتصادي أوسع نطاقًا، والذي شكّل فرصةً بقيمة تريليون دولار. وكانت إيران منفتحة على تعاون ذي منفعة متبادلة من شأنه أن يُنعش الاقتصاد الإيراني ويُلبّي أولوية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحياء الصناعات الأمريكية المتدهورة، مثل قطاع الطاقة النووية».

 

واردف في المقال:«كانت الأمور تتجه نحو التحسن، مع تبادل وابل من الرسائل. ولكن قبل 48 ساعة فقط من الاجتماع السادس المحوري، شنت إسرائيل هجومًا غير مبرر على بلدي. فبالإضافة إلى المنشآت النووية المحمية، قُصفت منازل ومستشفيات وبنيتنا التحتية الأساسية للطاقة، بل وحتى سجون. كما نُفذت عمليات قتل جبانة طالت أكاديميين وعائلاتهم. كانت هذه خيانة فادحة للدبلوماسية. ومع تزايد زخم الحوار الإيراني الأمريكي، بعث هذا القصف المتهور برسالة واضحة: إسرائيل تُفضل الصراع على الحل».

 

واضاف عراقجي:«زعمت إسرائيل زورًا أن ضرباتها الجوية تهدف إلى منع إيران من تطوير أسلحة نووية. في الواقع، لطالما التزمت إيران، بصفتها دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، ببرنامج نووي سلمي تحت إشراف الأمم المتحدة. وكما تفعل أي دولة نزيهة تتعرض لهجوم، قاومت إيران العدوان بشراسة حتى اضطرت إسرائيل إلى الاعتماد على الرئيس ترامب لإنهاء الحرب التي أشعلتها».

 

وقال انه:«بعد أن ظُلمت إيران سابقًا، أصبحت الآن أكثر حذرًا. لا ينبغي تفسير التزامنا بالتصرف بمسؤولية لتجنب حرب إقليمية شاملة على أنه ضعف. سنُحبط أي هجوم مُستقبلي على شعبنا. وإذا ما جاء اليوم المناسب، فسنكشف عن قدراتنا الحقيقية، لنُبدد أي أوهام حول قوة إيران»..

 

وقال وزير الخارجية الإيراني:«لا شك أن التقدم المحرز في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة قد تعرّض للتخريب؛ ليس من قِبل إيران، بل من قِبل حليفٍ ظاهريٍّ لأمريكا. هذا ناهيك عن القرار المشؤوم الذي اتخذته الولايات المتحدة بالسماح لنفسها بأن تُستدرج إلى تقويض القانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي بضرباتها الخاصة. ورغم أن إيران تلقت في الأيام الأخيرة رسائل تُشير إلى أن الولايات المتحدة قد تكون مستعدة للعودة إلى المفاوضات، فكيف يُمكننا أن نثق بمزيد من المشاركة؟ وقّعت إيران اتفاقًا نوويًا شاملًا مع ست دول عام 2015، بما في ذلك الولايات المتحدة، والذي انسحبت منه واشنطن من جانب واحد بعد ثلاث سنوات. وبعد موافقتنا على مفاوضات جديدة بحسن نية، رأينا حسن نيتنا يُقابل بهجومٍ شنّه جيشان نوويان»..

 

وقال عراقجي أن: «إيران لا تزال مهتمة بالدبلوماسية، لكن لدينا أسبابًا وجيهة للشك في جدوى مواصلة الحوار. إذا كانت هناك رغبة في حل هذه المسألة وديًا، فعلى الولايات المتحدة أن تُظهر استعدادًا حقيقيًا للتوصل إلى اتفاق عادل. كما ينبغي لواشنطن أن تعلم أن أفعالها في الأسابيع الأخيرة قد غيّرت الوضع. لن يقبل الإيرانيون بالاستسلام أبدًا. إيران حضارة عريقة، تغلبت على غزوات لا تُحصى، وخرجت أقوى في كل مرة. لطالما فضّلنا السلام، ومع ذلك كنا دائمًا من يقرر متى وكيف ينتهي العدوان على شعبنا. وكما أثبتت حسابات النظام الإسرائيلي الخاطئة، فإن الإيرانيين يتحدون دائمًا ضد المعتدين».

 

واردف قائلاً:«إن المفاوضات التي تُعقد في ظل الحرب غير مستقرة بطبيعتها، والحوار المُتبع في ظل التهديدات لا يكون صادقًا أبدًا. لكي تنجح الدبلوماسية، يجب أن تُبنى على الاحترام المتبادل. كما أنها لا تستطيع الصمود في وجه التخريب الدائم من قِبَل أطراف ثالثة تخشى التوصل إلى حل. يستحق الشعب الأمريكي أن يعلم أن بلاده تُدفع نحو حرب لا مبرر لها ويمكن تجنبها تمامًا من قِبَل نظام أجنبي لا يشاركه مصالحه. أما واشنطن، فعليها أن تعلم أن العدوان قد جعل علمائنا وإنجازاتهم عزيزين علينا أكثر من أي وقت مضى.

 

إن وعد ترامب بـ»أمريكا أولاً«يُحرَّف عمليًا ليُصبح»إسرائيل أولاً«. بعد أن شهد الأمريكيون تضحيات آلاف الأمريكيين وإهدار تريليونات من أموال دافعي الضرائب في منطقتنا، يبدو أنهم قد طفح بهم الكيل. يتطلب الطريق نحو السلام إدراكًا في الولايات المتحدة بأن الحوار القائم على الاحترام، لا الإكراه المتهور، هو السبيل الوحيد المستدام للمضي قدمًا.

 

وختم قائلاً أن»الخيار لأمريكا. فهل ستختار الولايات المتحدة الدبلوماسية أخيرًا؟ أم ستبقى عالقة في حربٍ أخرى؟”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى